روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | التربية الإسلامية.. قراءة جديدة في ملف النهضة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > التربية الإسلامية.. قراءة جديدة في ملف النهضة


  التربية الإسلامية.. قراءة جديدة في ملف النهضة
     عدد مرات المشاهدة: 2500        عدد مرات الإرسال: 0

لعله السؤال الذي أثار كل مهتم بشأن أمتنا فرادى وجماعات، إذ يتوقف على دقة الإجابة عنه الكثير من إستراتيجيات العمل الإسلامي، وهو السؤال الذي تعددت وتنوعت إجاباته، ولكل منها أدلته الشرعية والواقعية، إنه سؤال: كيف ننهض من جديد؟

فمما لا شك فيه أن أمتنا الإسلامية تمر بمرحلة حرجة من تاريخها، وعلى الرغم من وجود مظاهر كثيرة للخيرية، وعلى الرغم من نجاحات كثيرة في رفع درجة الوعي لدى الجماهير المسلمة، إلا أن الصورة العامة والنهائية ليست هي صورة المجتمع الإسلامي المنشود الذي هو مجتمع بشري يحتمل الخطأ، ولكنه لا يقننه ولا يرفع عنه الوصمة، كما أن أخطاءه لا تعد ظواهر عامة، بل هي حالات فردية متناثرة يستحي منها أصحابها ولا يدافعون عنها، ناهيك عن قلب الحقائق كما يفعل البعض، فيصير المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، لذلك فمجتمعنا بحاجة حقيقية إلى أن ينهض من جديد، وهذا ما أجمع عليه قادة الفكر والحركة من أنصار التيار الإسلامي بشتى توجهاته ومدارسه، فأصبح من المشتركات عند الجميع، ومهما اختلفت وتنوعت الحلول والأطروحات فإن خيار التربية يبقى خيارًا مشتركًا عند الجميع، مع اختلاف في مساحته من الحل المنشود، ومن هنا يمكن اعتبار قضية التربية في المجتمع الإسلامي نقطة انطلاق لعمل أرضية مشتركة بين جميع أبناء الحركة الإسلامية وأنصار التيار الإسلامي.

تربية الطفل المسلم:

ومفهوم التربية مفهوم واسع جدًّا، فهو يشمل جميع مناحي الحياة الإنسانية، بل ويشمل الإنسان في شتى أطوار حياته من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة الشيخوخة، ولكن التربية في مرحلة الطفولة ذات عائد حيوي على مسار الإنسان، فمن ناحية فالعمر ممتد أمام الطفل ليحقق آمال أمته، ومن ناحية أخرى فالطفل- وهو المولود أصلا على الفطرة- أكثر قدرة على تمثل المفاهيم النقية وأكثر قدرة على استيعابها، فهي تمتزج بنفسه وتصبح هذه المفاهيم بالنسبة له بمثابة المرجعية النفسية التي يحتكم إليها ما تبقى من حياته حتى إنه يروى عن أحد الصالحين أن خاله نظر إليه ذات يوم وقربه منه وهو بعد لم يتجاوز الأربع سنوات وقال له بهدوء يا غلام قل كل ليلة قبل أن تنام الله يراني.. الله يراني.. الله يراني، وبالفعل كان الصغير يقولها فتتفاعل مع نفسه الصغيرة التي استشعرت الخشية من الله تعالى، تلك الخشية التي أورثته الورع والصلاح فيما بعد.. فما أجملها دعوة الصغار أو تربيتهم على وجه الدقة.. قد لا تبدو النتيجة سريعة واضحة ولكنها عميقة في الضمير الإنساني، لذلك فلا عجب أن يكون هدي الإسلام أن أول ما يسمعه الوليد في هذه الحياة هو أذان الصلاة وإقامتها فهذا الذي يسمعه هو ما سيشكل اللا شعور للطفل فينشأ على محبة الذكر والصلاة.

لذلك فحري بنا أن نضع موضوع تربية الطفل في الإسلام في موضعه وننزله منزلته في سلم أولويات الحركة الإسلامية بوصفه يمثل الأساس العميق للشخصية، وكلما كان الأساس قويًّا كان البناء متينًا لا تؤثر فيه عوامل الإضعاف والتوهين وما أكثرها في زمن العولمة.

نقطة البدء:

ليس هناك ثمة شك أن حسن اختيار كل من الزوجين لشريكه وفقًا للأصول الإسلامية التي تعتبر أن الالتزام بالدين وحسن الخلق هو المعيار الأساسي في البحث عن الشريك سيكون له أكبر الأثر في حسن تربية الطفل، فما أصعب أن يقوم الأب أو الأم فقط بتحمل تربية الصغير لأن الطرف الآخر لا يشاركه هم التربية ولا يعتبرها حلقة أساسية من حلقات الجهاد بل وربما- وهذا مشاهد ملحوظ- كان سببًا في ضياع مجهود الطرف الآخر الذي يجتهد في عملية التربية والبناء، فيكون عامل هدم وتثبيط لهذه النفوس البريئة التي استأمنه الله عليها.

ما معنى أن تجتهد الأم كي يحفظ طفلها القرآن الكريم ويعود من درس التحفيظ ليجد والده متكئًا على أريكته الوثيرة يشاهد البذاءات ويستمع إلى مزامير الشيطان ويحتفي بصاحبات الرايات الحمر اللاتي أطللن علينا في ثوب قشيب.. أي درس عملي في التربية يأخذه، إنه درس بين النفاق والازدواجية وافتقاد القدوة والمثل الأعلى.. إنها حالة غريبة من اهتزاز القيم والتشويش الذي قد يحيط بقلب وعقل هذا الصغير، وما أقسى شعور هذه المرأة المتدينة مع مثل هذا الزوج الغافل الذي ربما اختارته لأي سبب عدا أن يكون الدين والخلق الكريم.

وما أتعس هذا الرجل الملتزم الذي ترك ذوات الدين والخلق وراح يلهث وراء الجمال بزعم السعي وراء إعفاف نفسه وهو يوهم نفسه أنه سيغير فاتنته الجميلة ويجعلها امرأة ملتزمة بمجرد أن يعقد عليها ثم تتكشف الحقيقة المزعجة، فكل ما استطاع الرجل الملتزم فعله هو تغيير الشكل الخارجي، فنجد امرأته وقد التزمت بشروط الزي الشرعي، أما ما وراء ذلك فلا شيء، فهي تذهب إلى الدرس الديني- إن ذهبت- مرغمة كارهة وتجلس شاردة تفكر في كل شيء إلا التجاوب والتفاعل مع ما يقال، وبالطبع فإن ما تفهمه تلك المرأة عن التربية أن تشتري لأولادها أجمل وأغلى الملابس مثل أولاد صديقاتها فكل ما يهمها هو مظهرها ومظهر أولادها وربما مستوى تعليمهم، أما ماهية التربية ولأي شيء نربي وما هي الأهداف البعيدة لعملية التربية فإشكالات لا تفكر فيها إلا من تحمل هم هذا الدين.

الكاتب: فاطمة عبد الرءوف.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.